أصدر مجلس الأمن الدولي مساء أمس الجمعة 31 أكتوبر، قرارا تاريخيا يعد نقطة تحول حاسمة في مسار تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بعدما عبّر عن دعمه الكامل للأمين العام للأمم المتحدة و لمبعوثه الشخصي في قيادة المفاوضات على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، باعتباره الإطار الواقعي والعملي للتوصل إلى حلّ سياسي عادل ودائم ومتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة. كما رحب المجلس بأي مبادرات بنّاءة من الأطراف المعنية، استجابة للمقترح المغربي.
و جاء القرار بأغلبية 11 صوتًا من أصل 15 دولة عضو، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا وفرنسا واليونان وبنما وكوريا، بينما امتنعت كل من الصين وروسيا وباكستان عن التصويت، في حين امتنعت دولة واحدة عن المشاركة في التصويت.
حيث أكد المجلس، في قراره، دعمه لجهود المبعوث الأممي الرامية إلى تنفيذ قراراته ودفع العملية السياسية قدمًا، من خلال استمرار المشاورات مع المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا. كما شدّد على أهمية الالتزام بوقف إطلاق النار وتجنّب أي أعمال من شأنها تهديد العملية السياسية أو استقرار المنطقة.
و في السياق ذاته، دعا القرار جميع الأطراف إلى الانخراط الجاد في المفاوضات دون شروط مسبقة، على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، مشيرًا إلى أن الحكم الذاتي يشكل الحلّ الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق. كما شجّع الأطراف على تقديم أفكار إضافية لدعم التوصل إلى تسوية نهائية متوافق عليها.
كما طالب المجلس الدول الأعضاء بتقديم الدعم السياسي والمادي للمفاوضات ولمهمة المبعوث الشخصي، معتمدًا في الوقت ذاته تمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2026، تماشياً مع توصيات الأمين العام للأمم المتحدة.
و أعرب القرار عن ترحيب مجلس الأمن بمبادرة المبعوث الشخصي لعقد لقاءات مباشرة بين الأطراف، من أجل استثمار الزخم الحالي والفرصة التاريخية لتحقيق تسوية نهائية للنزاع، مشيدًا في الوقت نفسه بـالولايات المتحدة الأمريكية واستعدادها لاستضافة جولات الحوار المقبلة دعماً لمساعي الأمم المتحدة.
كما سجل المجلس قلقه إزاء النقص الحاد في تمويل المساعدات الإنسانية للاجئين الصحراويين، داعيًا المانحين إلى زيادة مساهماتهم، وملحًا على ضرورة تسجيل وإحصاء اللاجئين في مخيمات تندوف لضمان الشفافية وتوجيه الدعم بشكل فعّال.
و طلب القرار من الأمين العام تقديم إحاطات دورية لمجلس الأمن حول تطورات الوضع في الصحراء، وتقديم مراجعة شاملة بعد ستة أشهر بشأن مستقبل البعثة الأممية، استنادًا إلى نتائج المفاوضات الجارية بين الأطراف.
وجاء هذا القرار الأممي في سياق دولي متغير تتسع فيه دائرة الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وتترسخ فيه قناعة متزايدة لدى القوى الكبرى بأنّ مقترح الحكم الذاتي هو الحل الواقعي والوحيد لإنهاء هذا النزاع.
كما يتقاطع القرار مع توجه استراتيجي للإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، نحو دعم جهود تحقيق مصالحة مغاربية وإنهاء التوتر بين المغرب والجزائر، بما يعزز الأمن والاستقرار في شمال إفريقيا ذات الأهمية الجيوسياسية المتقدمة في المنظور الأمريكي.
و يعود هذا القرار تتويج للجهود الدبلوماسية المتواصلة التي يقودها الملك محمد السادس بحكمة ورؤية استراتيجية، إذ نجحت الدبلوماسية المغربية في ترسيخ مقاربتها الواقعية لقضية الصحراء على الساحة الدولية، وكسب ثقة القوى العالمية الكبرى، لتتحول القضية من ملف إقليمي محدود إلى ركيزة أساسية في معادلة الاستقرار والتوازنات الدولية الجديدة.