في أقصى شمال كندا، حيث الفرص محدودة والتقدّم بعيد المنال، تنهض امرأتان رائدتان برؤية جديدة تعيد صياغة المشهد. فمعًا، تطلقان مبادرات مبتكرة من شأنها أن تُحوّل التعليم، وتُحفّز النمو الاقتصادي، وتُلهم جيلاً جديداً من أبناء الشمال.
وُلدت الوزيرة كايتلين كليفلاند ونشأت في الأراضي الشمالية الغربية، وتولّت منذ 11 ديسمبر 2023 مهامها كوزيرة للتربية والثقافة والتشغيل، ووزيرة للصناعة
وتوجد كلية أورورا، حجر الزاوية في التعليم العالي العمومي في الأقاليم الشمالية الغربية منذ 1985، في قلب هذه الرؤية. فتَحْت قيادة الوزيرة كليفلاند، تم عرض اتفاقية أهداف كلية أورورا (2025–2028) في فبراير 2025، التي ترسم خارطة طريق للتحوّل تتضمن:
- تحويل الكلية إلى جامعة تقنية متعددة التخصصات بحلول عام 2027
- تعزيز الحوكمة والبنية التحتية والتعلّم المتمحور حول الطالب
- تعميق التعاون مع المجتمعات الأصلية، واعتماد منهجيات قائمة على البيانات لقياس النجاح
ووصفت الوزيرة الاتفاقية بأنها ” خطوة حاسمة للشمال نحو بناء جامعة تقنية متعددة خاصة به ، وفتح آفاق جديدة أمام السكان .” ويتجاوز تأثير الوزيرة إطار التعليم العمومي، فهي تمتلك السلطة لتنظيم المؤسسات التعليمية العليا في الأقاليم الشمالية الغربية، سواء كانت عمومية أو خصوصية. فلا يمكن إطلاق أي برنامج جديد لشهادة أو درجة أو دبلوم دون موافقتها، بما يضمن بقاء الجودة والصرامة الأكاديمية في صلب التعليم بالشمال.
وقد تجلّى هذا الالتزام بالتميّز حين أصبحت كلية الشمال الكندية (CNC) أول مؤسسة خاصة تعرض برامج دبلوم تفتح جسورا واضحة نحو درجات جامعية، ليس في الأقاليم الشمالية الغربية فقط، بل في سائر الأقاليم الثلاثة في كندا.
وفي قلب هذه الإنجازات المُجَددة تبرز الدكتورة شهرزاد أبوكنان، المهندسة ورائدة الأعمال والمدافعة بحماس على التعلم مدى الحياة. وُلدت في مراكش بالمغرب،
وكرّست مسارها المهني عند تقاطع التعليم والصناعة والتنمية المجتمعية.
فبصفتها الرئيسة التنفيذية لشركة الحلول التجارية المبتكرة المحدودة، تشرف الدكتورة أبوكنان على 15 فرعاً موزّعة على ثلاث قارات، تقود من خلالها مشاريع في البنية التحتية والاستشارة والعقار والمالية. ومنذ تعيينها رئيسة لكلية الشمال الكندية في يوليو 2023، أعادت تحديد رسالة المؤسسة وجعلتها محفزاً للابتكار والنمو في الشمال.
تتميّز قيادتها بمقاربة واقعية، استشرافية وتشاركية. فبمسار مهني شمل الهندسة والبنية التحتية والاستشارات منذ عام 2004 ، التعليم العالي منذ 1997 ، فضلاً عن التزامها الجمعوي منذ صغرها ، فهي تجسد مزيجا استثنائيا من المؤهلات الصناعية ومن التفاني الاجتماعي .
كما أن للدكتورة أبوكنان قناعة راسخة بأن التعليم يشكل محرّكا قويا للحلول الصناعة، بفضل تجربتها الهندسية وروحها المقاولاتية، فإنها تدافع عن برامج تتجاوز المعرفة النظرية وحدها. إذ تُشجِّع طلبة الكلية على توظيف تعلماتهم لتطوير حلول مبتكرة لتحديات واقعية، تعود بالنفع المباشر على مجتمعاتهم. هذه المنهجية لا تُعزز بناء القدرات فحسب، بل تُهيّئ الخريجين للإسهام الفعّال في التنمية الاقتصادية لمناطقهم.
وقد لخّص لويس بلاي، نائب رئيس الكلية والمستشار الرئيسي في الصناعة، هذه الفلسفة بقوله:
” لقد حظيتُ بامتياز العمل عن قرب مع الدكتورة أبوكنان، وكانت قيادتها ملهمًة وعمليًة في نفس الآن. فهي تؤكد أن المعرفة داخل الصفوف يجب ألا تظل نظرية : يجب أن تصبح أداة لحل الرهانات الملحة للمجتمع وللصناعة . لقد أنعشت رؤيتها دينامية الفريق بأكمله، وعزّزت التزامنا بخلق برامج ليس فقط صارمة أكاديميا بل أيضا ناجعة بالنظر
للواقع اليومي في الشمال.”.
هذا الالتزام تجاه التعليم العملي و المتمحور حول المجتمع يُشيد به الأساتذة والموظفون أيضا ، الذين يعتبرون أن النجاعة المباشرة لبرامج الكلية أمام أولويات الشمال ترجع إلى إشراف الدكتورة أبوكنان ورؤيتها المستقبلية.
” إنه أفضل برنامج للشروع في رفع تحديات الشمال الآنية، وتعزيز القدرات، والاستجابة للاحتياجات الاقتصادية العاجلة لساكنة الشمال.” تُشَدد الدكتورة أبو كنان، حظي تدشين هذه البرامج باهتمام وطني واسع، وجمع قادة بارزين من أنحاء كندا كلها أتوا للاحتفاء بهذه المحطة المهمة . وعبر مشاركة عن بعد ، أكد الفاضل هارغيت ساجان — وزير سابق للوقاية المدنية والتنمية الدولية والدفاع الوطني — على الأهمية التاريخية لهذا الإنجاز، ليس فقط للأقاليم الشمالية الغربية، بل أيضًا لليوكن ونونافوت. واستنادًا إلى خبرته الحكومية الطويلة، أبرز ساجان الدور الحيوي للّوجستيك في تعزيز صمود الشمال، سواء في الاستعداد لحرائق الغابات أو في إيصال المؤن الأساسية إلى المجتمعات النائية والمعزولة.
وأعرب عن بالغ تقديره لقيادة الوزيرة كايتلين كليفلاند ورؤية الدكتورة شهرزاد أبوكنان المبتكرة، مؤكداً أن جهودهما المشتركة ” تمهّد الطريق لشمال أقوى وأكثر اتصالاً». كما عبّر عن إعجابه الخاص بالدكتورة أبوكنان، مثنياً على قيادتها المتميزة كامرأةٍ مقاولة ومربية، ومؤكداً على أهمية عملها في إلهام الأجيال القادمة. ووصف هذا الإنجاز بأنه «احتفاء بالقيادة والابتكار والالتزام المشترك ببناء مجتمعات شمالية مستدامة وقادرة على الصمود.”
معاً، تُعيد الوزيرة كليفلاند والدكتورة أبوكنان رسم ملامح مشهد التعليم والتنمية الاقتصادية في الشمال. فعملهما لا يقتصر فقط على خلق برامج، بل يتعداه إلى تقوية القدرات المؤسساتية، وخلق الفرص، وتمكين سكان الشمال من وسائل الازدهار في ظل اقتصاد متطور على الدوام.
إرث مشترك قيد التحول
وقد بدأت نتائج هذا التعاون تظهر للعيان؛ إذ أن برامج دبلوم جديدة تُهيئ يد عاملة مؤهلة، والشراكات مع المجتمعات الأصلية تترسخ، والانفتاح على القطاع الخاص يفتح آفاقا كانت في السابق غير متاحة.
فقد برهنت جهودهما المشتركة على أن القيادة الاستشرافية قادرة على تحويل التحديات المزمنة إلى فرص للنمو. فالوزيرة كايتلين كليفلاند والدكتورة شهرزاد أبوكنان لا تكتفيان بإعادة ابتكار التعليم، بل تعيدان رسم مستقبل الأقاليم الشمالية.
ويُشَكل مسارهما تذكيرا قويا : عندما يتحد قادة مُحَولون، حولرؤية مشتركة، فإنهم قادرون على إطلاق حركة تُلهم مناطق بأكملها وأجيالاً قادمة.